جنة الأشرار - مقتطف من كتاب هزائم و نكسات


-سأقوم بإنهاء هذا الكابوسِ البائس...
-أ و لا تخافُ من أن يكونَ هُناك جحيمٌ بعد الموت؟
-و لكنّني متأكِّد من أنَّه ليس موجودًا
-دعنَا نُفكِّر بأسوءِ الإحتمالات...
-طيِّب، الجحيم لن يكون أسوء مِّمَا أعيشُه.
-بطنُك مملوءةٌ بالطعام؟
-نعم
-تنامُ ليلًا في فراشٍ دافِئ؟
-إسمع، لا تَقم بالبدءِ في مُقارنة همومِ إنسٍ بهموم أُناسٍ آخرين... لأنَّ الإنسان يا صاح إذا صرخ و قال إنَّهُ يُعاني، فإنَّه ببساطةٍ يُعاني، و المطلوب في تلك اللحظةِ، الذي يشكو فيها النديم و الساقي همَّهُم، أنت مُطالب بأن تُعطيهم الحقَّ مهما كنتَ تراهم مُخطئين.. فالحال يا آبنَ أبي يبقى الإنسان في لحظةِ ضعفٍ، عاجزًا عن التفكير و التمييز بين الخطأ و الصواب، و كلُّ ما يقدِرُ عليه هو الإنسياق و الإمتثال إلى العواطف.
-بماذا تُفكِّر؟


-أودُّ أن أحصُل على مُسدَّسٍ.
-أ هذا هو الجزءُ أين أقول لكَ كفَّ عن الهراء، الإنتحار معصية، فتقول لي أيُّ إنتحارٍ يا أعوج، سأتقُل الجميع؟
-كلّا... لقد إنعكستَ الأمور في قصَّتي... سأقتُل نفسي، و أدعُ الجميع يسبحون في عالمهم القبيح – الذين يُروق لهم – و أرحَلُ إلى الأبد.
-أنت ضعيف.
-أ لم أقل لك أنّني لا أطلُب في هذه اللحظةِ النصائح؟
-بلى...
-أنظر، تَكمُن مُشكلتي مع أفرادٍ من عائلتي، و بعضٍ من سُكَّان بلدتي. بإنتحار سأرحلُ حتّى يعيشوا عذاب الضمير إلى الأبد.
-و لكنَّهم لن يشعروا بغيابك...
-لا لا تقلق، إنَّ كلُّ ما يفعلونه دائمًا هو التصرف بالمشاعر... لا تخدشوا مشاعري، لا تُفطروا أمامي، لا تمارسوا شعائركم أمامي... أعدموا القاتل، إقطعوا يد السارق... كلُّ ما يفعلونه هو تحكيم غرائزهم و مشاعرهم، و لأنَّهم ليسوا أشرَارًا في نظري، أنا واثقٌ بأنَّهم سيلومون أنفسهم على غيابي.
-واثقٌ مثل وثوقِك بأنَّه لا يوجد جحيم بعدَ الموت؟

-إنسَ الوثوقية، الجحيم هُناك يدخُله الطيِّبون أساسًا، الهاربون من جنَّة الأشرار.