تبعد الولايات المتحدة الأمريكية من هنا أهههمم... أهههه... بِضعة أهههه... طبعا.. سيصعب التخلي عن بعض المصطلحات الحياتية، و بالتأكيد إن حاولت أن ألج يدي داخل جيب سروالي حتى أخرج هاتفي و أستعمل الجي بي آس لن أقدر، فالحال أنه تم التشويش على القوانين الفيزيائية لبعض الوقت، لستُ أدري إلى متى، و لكني أعلم أنني لست أرتدي سروالي حاليا، و لا سروالي الداخلي، و لا أملك حاليا هاتفي الذي لم أفكر في أن أضعه في وضع الصامت.

نعم.. تبعد الولايات المتحدة الأمريكية من هنا بعض الأفكار. إنني بعيد عنها بعض الإدراكات.. فإذا سلمنا في عقوق الفيزياء، حتى الطيران إلى هناك لن يكون الوسيلة. قد يتفق البعض الآن أن طيران جسدٍ بشري هو معجزة أو تعويذة أو شعوذةٌ ما، لكنه قد يصبح حقيقةً و ممارسة يومية مملة خلال بعض القرون.

لذلك.. سأحاول أن أفترض أنني هناك.. سأبدا بمحاولة تذكري بعض المعطيات التي أعلمها عن شاطئ سانتا مونيكا في لوس أنجلس.. نعم.. شاطئٌ جميلٌ فيه رصيف بحري طويل.. بُنت فوق مدينة ملاهٍ بريئة.. مجرد التفكير في الأمر أخذ بي إلى هناك.. إنني أراني الآن أحلق فوق سماء لوس أنجلس، سنتفق أنا و جسدي الوحيد المسكين الملقى فوق الفراش أن نسميه شاطئ سانتا ماريا، و سنسمي الآن المدينة لوس سانتوس.. بدأت أرى حركة بشريةً عادية بصدد مضاجعة معاناةٍ يومية من حقائق كونٍ عجزوا عن رفضها أو حتى تغييرها.. الطقس كان حارا.. صحيح أن المنطقة معروفة بطقسها الحار و شمسها الحارقة.. لكن ماذا قلت لك عن الفيزياء؟ تلك هي حرارة ذلك الجسم المسكين المستلقي على الفراش.

إنني ألاحظ أنَّ المدينة لم تُبنى بشكلٍ إحترافيٍ أو حتى مُقنعٍ.. أستطيع أن أرى بعض ثغرات تمثلت في وجود أشكال هندسية مختلفةٍ رمادية اللون، و كأنها خطة مستقبلية من مؤسسي المدينة لمواصلة التصميم في وقت لاحق.؟.

تمكنت من إفتراض البقية، و إصلاح ذلك العطب بنفسي.. صارت المدينة كاملةً.. الطرقات و البنايات و الأعمدة و حتى حركة المرور تعمل بمثالية.. معاناة العصر و الحياة اليومية واضحة و تلوح لي بشمالها.. لكنها لا تدعوني إلى الإنضمام.. إنها تتصرف بحياد..  إنها تمنحني حرية إتخاذ القرار، و لا تحاول أبدا إقناعي البقاء.. إنها ذكية.. تتفاوض معي. تحاول جعلي أغرى بجمال الهروب من الواقع، و تترك لي الكلمة الأخيرة.

قطعت وعدا.. ذلك الجسد المسكين ينتظر.. الله وحده يدري متى سأعود إليه.. لعله يتصبب عرقًا الآن... لعل الوحدة تتملكه.. طيّب، لنلقي نظرة سريعة في مصر ثم نعود.