البُعدُ الموازي.. كنتُ دائما أعتقد أن تشييده يتطلب بالضرورة إستلاقاءًا على فراشٍ مريحٍ ما يحيطُ به فضاءًُ هادئ.. لا أصواتً لبكاءِ أبناءِ الجيران و لا صخب الشوارع المشغولة و لا ضجّة محركات السيارات...

لقد كنتُ مخطئًا.. 

أو على الأقل.. كنتُ تلميذًا مبتدئًا، و هنا الآن أدرك كيف تجري الأمور...

إنها الساعة السابعة صباحًا.. تقريبا... أو.. أ تدري أمرًا.. الساعة لا تعد تهم إطلاقًا، خصوصًا عندما يبدأ دماغي في الإنصهار و الذوبان هكذا.. تلك اللحظات، التي أصبح فيها قادرًا على الكتابة عبر لوحة المفاتيح دون النظر إليها، و حينما أصبح غير مكترثٍ بأي أخطاء إملائية قد أخلفّها... نعم.. عندما تقترب تلك اللحظات... يصبح الظلام و العدم محورا تناظرٍ، و يكون التكريز و الهدوء و خلو الذهن من الأفكار الحَكَم.. الضامن لتناظر جسدي من بعده الفيزيائي الحالي مع جسدٍ آخر في بعدٍ ثانٍ إفتراضي...

لقد ضلّت دائما المعضلة شيئًا وحيدا.. التركيز... لحظة.. أي هراءٍ أقولهُ أنا الآن... ما الفكرة الأدبية أو العلمية اللعينة التي شِئتُ الإنتهاء بها؟

سآخذ إستراحة سيجارة قصيرةٍ و أفكر.. علني أستحضر تلك الفكرة...

نعم.. أشعلتُ سيجارتي.. أعدتُ الولّاعة إلى مكانٍ لستُ واثقًا ما إن كان نفس المكان الذي كانت فيه.. سحبت ثم حررتُ دخانًا عبر شفتاي و شاهدته يصافح الدخان المنبثق من السيجارة ذاتها.. و أثناء مشاهدتي إصبعي الممسك لعود السرطان، تعمدت أن أجعل كل ما وُجد وراء يدي ضبابيا، و أن أركز فقط على يدي.. و لكن، في نفس الوقت، تكون الخلفية هي مدار إهتمامي... و هكذا.. شعرتُ أن يدي تلك، التي أمسك بها السيجارة، تقوم بالإرتسام رويدا رويدا، في مكان ما آخر.. لنقل أنه لدينا غرفتان، كلتا الغرفتين لهما نفس التصميم، و لكن قواعد كل غرفة مختلفة عن قواعد الآخرى.. يدي تلك، كانت هي أولى أعضاء جسدي الإفتراضي التي ترتسم في الغرفة الثانية.. طبعا.. المكان يصبح شيئا فشيئًا ساخنًا.. و صدقوني، ليست حرارة السيجارة هي السبب. تبدأ بقية أعضاء جسدي الأخرى في الإرتسام.. إلى أن أصبح أنًى ثانٍ يسبح في الغرفة الثانية دون جاذبية.. لون الغرفة لا يهم، سيكون أبيض إن شئت.. أو حتى أسود.. سأرتسم عارٍ إن شئت أو حاملا لنفس الملابس التي كنت وضعتها قبل سابقا.. الأمر حقا يعتمد علي...

هل أنا شخص إكتراثي؟ قد أقول لا.. و لكني لا أستطيع أن أنكر أن سقوط السيجارة على رجلي أثناء عملية سفري لن يسبب لي المتاعب.. إنني أقوم بهذا لأول مرة.. لستُ واثقا ما إن كنت سأتجاهل الحريق الذي سينشب بفعل السفر أم أنني سأستيقظ حالما تحصل الكارثة.. و لهذا.. كن متأكدا من أنه لا توجد أي مصادر إضطرابٍ من حولك إذا شئت تجربة العملية.

الآن حان وقت الإعتراف.. أنا لم أجرب كل ما تحدثت عنه إطلاقا.. و لكنّي أود أن أقوم بتحدٍّ.. على المدى الواسع.. ستمرُّ بواحدة أو إثنتين من الوقائع التي تكلمت عنها.. ستكون قادرا على تصوير عالمك.. ستغيب الفيزياء.. ستشعر بإرتفاع حرارتك قبل السفر.. و لكني دعوني أحذركم.. إذا كان الطيران داخل أو خارج غرفتك دون جاذبية هو المهمة الصعبة بالنسبة لك فدعني أطمئنك.. مجرد تكرار الممارسة سيسهل لك المحاولة في كل مرة.. لكن عليك أن تخاف أمرا.. أن تهاب العيش بعد النزول. نعم.. أن تتوقف عن رؤية العالم بألونه الحالية.. أن تنسى معنى السعادة هنا فوق عالمنا هذا..

و إذا كنت ترى أنك تستطيع صنع التوازن.. فهنيئا لك.. بمقدورك الآن إستعمال الUnreal Engine.