ضوضاءُ الخضوع



في البيت ستسألك صاحبة البيت، هل تود شرب الشاي ؟

صاحبة البيت خيرتك، و لكنها أيضًا قيدتك. هي تملك فقط الشاي، و إجابتك ستخضع للخيارات التي عرضتها عليك صاحبة البيت. فقط ستجيب بنعم أم لا.

النادل في المقهى ، سيسألك عمّا تريد شربه ، ستختار بين العصير، القهوة، الشاي .. أو عدم شرب أي شيء.

نادل المقهى خيّرك، لكن في الحقيقة هو سيُخضعك لا محالة، فهو لا يختلف كثيرا على صاحبة البيت، هو فقط أضاف لك بعض الخيارات ..

غادر المقهى، و قم بكتابة قائمة بالمشروبات التي تعرفها، ضع الكم الذي تريده من أسماء المشروبات .. و ضع أيضًا يقينًا بأنك ستحصل على أيٍّ من تلك المشروبات التي عددت أسماءها.

هل ظننت أنك هنا تختار؟ لا يوجد خضوع؟

بلا، أنت خاضع.

القائمة التي وضعتها لا تختلف أيضًا على النادل و صاحبة البيت.

القائمة تتيح لك فرصة الحصول على أي مشروب تريده، لكن ..

أنت خاضع لعدد المشروبات التي تعرفها أو المشروبات الموجودة في العالم أسره، و لا تستطيع الإختيار خارج نطاق ما أتاحه لك اليومي من مشروبات.

القوانين تلاحقنا من كل مكان، مهما ظننا أننا أحرار، و مهما ظننا أننا نعيش الحياة التي إخترناها، علينا أن نتأكد أننا نكذب على أنفسنا،

فحتى و لو سلمنا بإحتمال أننا نعيش الحياة التي إخترناها،

فإننا في نهاية المطاف نعيش حياةً واحدة من بين الحيوات التي أتاحها اليومي لنا ، و لا نستطيع أن نختار حياةً أخرى خارج ضوضاء الإخضاع.