لماذا يُعاقَب معارضو الدين - المثال المصري


مُعارضو الدين في العالم العربي سيعيشون حياةً مُريحةً إلى أن يعلنوا عن رفضهم للدين من ناحية، و إلى أن يباشروا إنتقاد الدين من ناحيةٍ أخرى، فبعضهم يفضل إبقاء أمر العقيدة الجديدة أمرًا خاصًا و سرّيًا، و البعض الآخر يجاهر بما توصَّل إليه و عادةً ما يعبِّر عن موقفه من خلال مدونته الخاصة أو صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعي، و تختلف نسب الإضطهاد التي يتعرَّض لها هؤلاء المُختلفون من وطنٍ إلى آخر، و في هذا المقال، سنتعامل مع المثال المصري و سنتطرق إلى وضعية أشهر مُعارضي الدين الإسلامي هُناك، و الأهم، سنبحث في الغاية السياسية وراء هذا الإضتهاد، دون التطرق إلى الإضتهادات الإجتماعية فلقد كنّا قد تحدَّثنا فيها في مقالات سابقة.
كُنتُ قد شاهدتُ فيديوهاتٍ كثيرةٍ لشيوخٍ إسلاميين المصريين و هم يتعاملون مع الملحدين و الللا دينيين المصريين أيضًا في الإستيديوهات، فبعضهم حاول التعامل مع المسألة على أنّها مسألةٌ هامةٌ و يجب معالجتها، بمدِّ الملحد بحججٍ تجعله يرجع إلى دينه، و البعض الآخر يلجأ إلى دعوةِ الخصم في الحوار (المُعارض) لزيارةِ طبيب نفساني بحجَّة أنه ضحية صرع، توحُّد أو أنّه إتخذ قرار ترك الدين بسبب الضعف أمام المشاكل الإجتماعية، لكن هؤلاء الشيوخ إشتركوا في أمرٍ وحيد، أ و هو التهديد.
حدُّ الردة في مصر، (العقوبة التي تفرضها الشريعة الإسلامية على تاركي الإسلام) عقوبةٌ سهلةٌ من حيث التطبيق، ففي الأصل، يجب قتل المرتد بعد ثلاثةِ أيامٍ من عدم إستتابته (أي عودته للدين)، لكن في المصر يتم سجن المُجاهر بترك الدين لمدةِ أشهر أو سنوات.
من يحرص على ضرورة تطبيق هذه العقوبة؟
ليس الله
ليس الشعب الحر الذي قرر معاقبة المُرتد بتلك الطريقة،
و إنما رجال الدين. ( و قد كنَّا قد تحدثنا في مقالات سابقة على مصالحهم التي قد تتضارب و حرصهم على ألا تضمحل سلطتهم.)
شاهدتُ ذات مرّة الشيخ سالم عبد الجليل و هو يخاطب أحمد حرقان (مُلحد مصري ترك الدين بعد سنواتٍ من التدين) قائلا: الإسلام لقد كفل حرية العقيدة، إذا أردت أن تُلحِد، فألحد في بيتك، و لا تُجاهر بذلك. يبدأ الإسلام في ملاحقتك عندما تبدأ في المُجاهرة بالإلحاد و إنتقاد الدين.
هل الإسلام هو حقًّا من حرص على مثل هذه الأمور قبل 1400 سنة؟ هل كان هنالك مُدونون ينتقدون الإسلام في تلك الفترة، و يمثلون خطرًا على مُحمد بإنتقادهم للدين؟ لا أظن هذا. لكن هل التهجُّم على الإسلام يضر بمصالح رجال الدين؟
نعم، و من يستطيع نكران هذا؟
يتعامل رجال الدين مع مُنتقدي الدين على أنَّهم تنويريون، و الظلاميون عادةً ما يخافون من يخرج القطيع من الظلمات، فلولا جهل القطيع لما طال خداع رجال الدين.
التاريخ يشهد على نهاية سلطة رجال الدين و تدخلهم في الحكم و السلطة على أيدي تنويريين، فهل سيَفرح رجال دين اليوم عندما يخرج أحدٌ يهدد سلطتهم؟ لا.
في الحقيقة، لا يوجد شيءٌ أفضل من إتفاقية جماعية، أنت حر ما لم تضر، بوسعك قول ما تريد، إنتقد الرئيس، الله، بوذا، عيسى... ففي النهاية كلامك مجرد حروف، صح؟ ما الضرر في ذلك؟
هذا المنطق الإنساني، فهل يعترف رجال الدين بهذا؟
أ و ليس هو ما يُهدد وجودهم، و يقمع إستمراريتهم؟